الحضانة
تعتبر الحضانة مهمة جدًا في حياة الطفل ليس فقط لأنها تريح الأم وتقلل من الأعباء الملقاة عليها أو تكون حلا أثناء وجودها في العمل بل هي هامة جدًا من حيث أن اندماج الطفل فيها يعتبر بمثابة أول اختبار له في مواجهة الحياة والتعامل مع الناس وحده. ففي فترة الحضانة يعتاد الطفل على كيفية اللعب مع زملائه وكيفية أنشاء الصداقات وكيفية حل المشاكل بنفسه وكيفية التعامل مع من هم أكبر منه كذلك كيف يتعامل مع الأطفال الآخرين ذوي الطباع المختلفة ثم انه يتعلم الاعتماد على نفسه ويكتسب سلوكيات وعادات ايجابية جديدة مثل : النظام والمسؤولية والأخذ والعطاء بعدما كان يأخذ فقط، كذلك يبدأ في الحضانة بتلقي التعليمات لأول مرة من احد غير والديه ويعي انه يقضي عددا من الساعات بعيدا عنهما فيتفاعل اجتماعيا ويخرج من النطاق الضيق وهو نطاق التعامل مع أسرته فقط وتتسع حياته لتضم أيضا أصدقاء وزملاء وأشخاص آخرين فيعيش الشكل الطبيعي والواقعي للحياة وهو أن أمه هي جزء من حياته وليست كل حياته ، كل هذه المعاني مهمة لتساهم في بناء شخصية للطفل واثقة وقادرة على التعامل مع المواقف المختلفة فإذا جاءت فترة المدرسة التي فيها الكثير من الالتزامات والواجبات والوظائف يكون الطفل قد أصبح مؤهلا للتعامل معها حيث تكون الحضانة قد مهدت الطفل للانتقال من مرحلة التعلق الشديد بالأم وبالبيت إلى مرحلة جديدة هامة جدا وهي مرحلة التعليم والدراسة فيكون اندماجه فيها أكثر نجاحا وسلاسة لما اكتسب من مهارات التعامل مع الآخرين في الحضانة وأصبح أكثر استقلالا فيتفرغ بهذا للدراسة ومصاعبها وليس لكيفية التأقلم للإطار الجديد وتؤكد الدراسات أن الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال أو دار الحضانة وجد أنهم أفضل في مستوى النمو اللغوي والمهارات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين من الأطفال الذين التحقوا بالمدرسة مباشرة دون هذه المرحلة التمهيدية.
- إذا رجعنا إلى فوائد الالتحاق بالحضانة وإلى المطلوب من الحضانة تأكدنا أن التحاق الطفل بالحضانة يساعده على التفوق مستقبلاً، وتعتبر الحضانة البداية الحقيقة لاكتشاف مواهب الطفل وتوجيهها توجيهًا سليمًا، وهذا يتوقف على دقة المعلمة في ملاحظة الأطفال لمعرفة موهبة كل منهم وتنميتها.
- تُبيِّن الدراسات أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة تمثل نحو 90% من أطفال تلك المرحلة، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10%، وما إن يصلوا إلى السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط، مما يعني أن شيئًا ما في المنظومة التربوية التي ترعى الطفولة في تلك المرحلة يتسبب في إجهاض تلك المواهب الفطرية فيما يُشبه الاغتيال، وهو ما ينبه إلى أن السنوات الخمس الأولى تعتبر من الأهمية بمكانٍ في حياة الطفل؛ حيث تصقل شخصيته ويتعلم فيها مجموعة كبيرة من العادات والتقاليد، فهي تُشكِّل 85% من معارف الطفل وإبداعاته، وفي الوقت الراهن يقضي الطفل هذه السنوات الخمس- غالبًا- في الحضانة؛ ولذا فلا يمكن التغاضي عن تأثيرها على الأطفال سلبًا أو إيجابًا .
- التحاق الطفل بالحضانة له فوائد لا يمكن التقليل من أهميتها، فهناك فوائد تربوية: مثل تعلم السنن والآداب والسلوكيات الطيبة، وفوائد تعليمية: مثل المحفوظات المفيدة من القرآن والحديث وبعض الأغاني والأناشيد الهادفة، وبدايات القراءة والكتابة والحساب (وذلك في السن المناسبة)، هذا إلى جانب فوائد تربوية أخرى: كتوسيع بيئة التعامل لتشمل غير أفراد أسرته، سواء المربيات والعاملات والمعلمات، وكذلك رفاقه من الأطفال، وبالتالي البدء في التعامل مع المنظومة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة؛ مما ينمي الاستعداد المبكر للاعتماد على ألذات وتحمل المسئولية، والتعود على الجو الدراسي تمهيدًا للالتحاق بالمدرسة بعد ذلك.